أهل البيت عند أهل السنة والجماعة
لاشك أن لأهل بيت النبي منزلة رفيعة ودرجة عالية من الاحترام والتقدير عند أهل السنة والجماعة ، حيث يرعون حقوق آل البيت التي شرعها الله لهم ، فيحبونهم ويتولونهم ويحفظون فيهم وصية رسول الله التي قالها يوم غدير خم " أذكركم الله في أهل بيتي /صحيح مسلم بشرح النووي كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي رضي الله عنه ( 15/188 ) . فهم أسعد الناس بالأخذ بهذه الوصية وتطبيقها .
فيتبرؤون من طريقة الشيعة الذين غلوا في بعض أهل البيت غلواً مفرطاً ، ومن طريقة النواصب الذين يؤذونهم ويبغضونهم ، فأهل السنة متفقون على وجوب محبة أهل البيت ، وتحريم ايذائهم أو الاساءة اليهم بقول أو فعل ، وكتب أهل السنة ولله الحمد والمنة مليئة وزاخرة بذكر مناقب أهل البيت ، مثل كتب الحديث والتراجم وغيرها .
وسأقتصر على ذكر بعض فضائل أمير المؤمنين علي وأولاده وأحفاده رضي الله عنهم أجمعين ، الذين يدعي الشيعة العصمة فيهم ، ويزعمون أن أهل السنة يكرهونهم وينصبون لهم العداء .
أولاً : أمير المؤمنين علي رضي الله عنه :
روى البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد أن رسول الله قال يوم خيبر : " لأعطين هذه الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، فبات الناس يدوكون / أي يخوضون ويتحدثون في ذلك . أنظر النهاية لابن الأثير ( 2/140 ). ليلتهم أيهم يعطاها . قال : فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها فقال : أين علي ابن أبي طالب ؟ فقالوا : هو يارسول الله يشتكي عينيه قال : فأرسلوا اليه فأتى به ، فبصق رسول الله في عينيه ودعا له ، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع ، فأعطاه الراية . فقال علي يارسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ فقال : انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم الى الاسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم / صحيح البخاري مع فتح الباري : كتاب فضائل الصحابة باب مناقب علي رضي الله عنه ( 7/70 ) حديث ( 1 ـ 37 ) صحيح مسلم : كتاب فضائل الصحابة باب فضائل علي رضي الله عنه ( 4/1872 ) حديث (3406 ) واللفظ له .
هذا الحديث فيه فضيلة عظيمة ومنقبة ظاهرة لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث شهد له بالمحبة في قوله : " يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله " .
ثانياً : فاطمة رضي الله عنها :
روى البخاري رحمه الله تعالى في" باب مناقب فاطمة رضي الله عنها"عن النبي قال:" فاطمة سيدة نساء أهل الجنة "/صحيح البخاري في فتح الباري : فضائل الصحابة ( 7/105 ) . .
ثالثاُ : الحسن والحسين رضي الله عنهما :
روى الترمذي باسناده الى البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله أبصر حسناً وحسيناً فقال : " اللهم اني أحبهما فأحبهما "/ سنن الترمذي : كتاب المناقب باب مناقب الحسن والحسين ( 5/661 ) حديث ( 3782 ) وقال : حديث حسن صحيح ، وقال الألباني : صحيح كما في صحيح سنن الترمذي ( 3/226 ) .
في هذا الحديث فضيلة ظاهرة للحسنين رضي الله عنهما حيث تضمن حث الأمة على حبهما وأن حبهما حب له صلي الله عليه وسلم .
وروى أحمد باسناده الى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة "/ لمسند (3/3) وسنن الترمذي : كتاب المناقب باب مناقب الحسن والحسين (5/656) حديث (3768) وقال : حديث حسن صحيح ، والحاكم في المستدرك (3/166-167) وصححه وفي رواية أخرى بزيادة وأبوهما خير منهما وصححها ووافقه الذهبي ، وابن خزيمة في صحيحه (2/206). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/184) رواه الطبراني واسناده حسن ، وصححه الألباني في الأحاديث الصحيحة (2/448). .
وفي هذا الحديث منقبتان عظيمتان للحسنين رضي الله عنهما ، حيث شهد النبي لهما بالجنة ، وأخبر بأنهما سيدا شباب أهل الجنة فرضي الله عنهما وأرضاهما .
رابعاً : علي بن الحسين ـ رحمه الله تعالى ـ
قال عنه يحي بن سعيد : " هو أفضل هاشمي رأيته في المدينة "/ الحلية (3/138).
وقال الزهري : " لم أر هاشمياً أفضل من علي بن الحسين / الحلية (3/141) وتهذيب التهذيب (7/305)..
وقال محمد بن سعد : " كان ثقة مأموناً كثير الحديث عالياً رفيعاً ورعاً /الطبقات الكبرى (5/222)."
خامساً : محمد بن علي ( الباقر ) ـ رحمه الله تعالى :
قال ابن سعد : كان كثير العلم والحديث /الطبقات الكبرى (5/324)..
وقال الصفدي : هو أحد من جمع العلم والفقه والديانة/الوافي بالوفيات (4/102). .
وقداتفق الحفاظ على الاحتجاج به كما نص على ذلك الذهبي /سير أعلام النبلاء (4/413).
سادساً : جعفر بن محمد ( الصادق ) ـ رحمه الله تعالى ـ :
قال عنه أبو حنيفة : ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد / تذكرة الحفاظ (1/166)..
وقال أبو حاتم : ثقة لايسأل عن مثله/كتاب الجرح والتعديل (2/487). .
وقال الذهبي : جعفر بن محمد الصادق سيد العلويين في زمانه وأحد أئمة الحجاز لم يلحق بالصحابة/ مختصر العلو (148). .
سابعاً : موسى بن جعفر ( الكاظم ) ـ رحمه الله تعالى ـ :
قال فيه أبو حاتم الرازي: " ثقة صدوق امام من أئمة المسلمين /لجرح والتعديل (4/139)."
وقال شيخ الاسلام ابن تيمية : " وموسى بن جعفر مشهود له بالعبادة والنسك/منهاج السنة (4/57). .
وقال الذهبي : كان موسى من أجواد الحكماء ومن العباد الأتقياء/ميزان الاعتدال (4/202). "
ثامناً : علي بن موسى ( الرضا ) ـ رحمه الله تعالى : ـ
قال عنه الذهبي : " كان من العلم والدين والسؤدد بمكان/السير للذهبي (9/387). .
تاسعاً : محمد بن علي ( الجواد ) ـ رحمه الله تعالى ـ :
كان يعد من أعيان بني هاشم وهو معروف بالسخاء والسؤدد /منهاج السنة (4/68) لابن تيمية .
قال البغدادي/ هو : عبد القاهر بن طاهر بن محمد بن عبد الله البغدادي التميمي الاسفراييني فقيه شافعي أصولي أديب ولد ونشأ في بغداد وكانت وفاته سنة 429هـ باسفرائين . انظر وفيات الأعيان (3/203) والأعلام ( 4/48). : ( وقالوا ـ أي أهل السنة ) ـ بموالاة جميع أزواج رسول الله وأكفروا من أكفرهن أو أكفر بعضهن . وقالوا بموالاة الحسن والحسين والمشهورين من أسباط رسول الله كالحسن بن الحسن ، وعبد الله بن الحسن ، وعلي بن الحسين زين العابدبن ، ومحمد بن علي بن الحسين المعروف بالباقر .. وجعفر بن محمد المعروف بالصادق ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى الرضا ، وكذلك قولهم في سائر أولاد علي من صلبه ، كالعباس ، وعمر ، ومحمد بن الحنفية ، وسائر من درج على سنن آبائه الطاهرين/الفرق بين الفرق (360). .
وقال الاسفرائيني/ هو : طاهر الاسفراييني الشافعي الشهير بـ " أبو المظفر " امام أصولي فقيه مفسر كانت وفاته سنة 471هـ بطوس : أنظر طبقات الشافعية (3/175).: في بيان منهج أهل السنة :
وقد عصمهم الله أن يقولوا في أسلاف هذه الأمة منكراً ، أو يطعنوا فيهم طعناً ، فلا يقولون في المهاجرين والأنصار ، وأعلام الدين ، ولا في أهل بدر ، وأحد ، وأهل بيعة الرضوان ، الا أحسن المقال ، ولا في جميع من شهد النبي لهم بالجنة ، ولا في أزواج النبي وأصحابه وأولاده وأحفاده ، مثل الحسن ، والحسين ، والمشاهير من ذرياتهم مثل عبد الله بن الحسن وعلي بن الحسين ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، وموسى بن جعفر ، وعلي بن موسى الرضا ، ومن جرى منهم على السداد من غير تبديل ولاتغيير ، ولافي الخلفاء الراشدين ولم يستجيزوا أن يطعنوا في واحد منهم ، وكذلك في أعلام التابعين ، وأتباع التابعين الذين صانهم الله تعالى عن التلوث بالبدع واظهار شيء من المنكرات/التبصير في الدين (196)..
هذه عقيدة أهل السنة والجماعة في آل بيت الرسول . ومن أراد التوسع فعليه مراجعة كتب الحديث والسير والتراجم فسيجد باذن الله أن أهل السنة هم أنصار أهل البيت رضي الله عنهم أجمعين/لعقيدة في أهل البيت للسحيمي. .