تبسيط علم الطاقة
الطرق الأساسية لتحريك الطاقةهناك عدة أنواع للطاقة، بحسب الصينيين. فهناك:
أ. الطاقة الأولية yuan-chi التي تأتي مع الإنسان عند ولادته إلى هذا العالممحفوظة في بلازما النطفة والبيضة الآتيين من الأب والأم، وتُحفَظ بعد الولادة فيالغدد الكظرية والخصيتين عند الرجل أو المبيضين عند المرأة، وتبقى كاحتياط يمكناستعمالها في حال نفاد الطاقة ما بعد الولادية الآتية من الغذاء والماء والهواء. لكن ما دامت هذه الطاقة الأولية محدودة، يَقصُر عمر الإنسان تبعاً للسرعة التييستهلكها بها من غذاء سيِّئ، إلى أمراض مزمنة، إلى إرهاق مزمن وحياة سريعة، إلى سوءالعادات الإدمانية والجنسية. تُعتبَر الطاقة الأولية في النهاية القاعدة الأساسيةللصحة الجيدة وطول العمر، لذا يشكِّل الحفاظ عليها جزئاً أساسياً من ممارسة التشيكونغ.
ب. الطاقة الحقيقية أو ما بعد الولادية jen-chi التي تأتي من الهضموالتنفس والاستقلاب. تبدأ هذه الطاقة بالعمل عندما يُقطَع الحبل السري للطفل ويصرخصرخته الأولى. يعمل التشي كونغ على تحسين قدرة الجسم على تكوين الطاقة ما بعدالولادية.
ت. الطاقة المغذية ying-chi التي تدور مع الدم داخل الأقنية لتغذيكامل الجسم.
ث. الطاقة الحامية wei-chi التي تتوزع على سطح الجسم لتحميه منتقلبات الطقس والإشعاعات والطاقات السلبية من الآخرين.
ج. الطاقة الأساسية jing-chi التي تأتي من تحويل أرقى وأنقى أشكال الجوهر، وخاصة السوائل الجنسيةوالهرمونات والوسائط العصبية، إلى هذه الطاقة عبر الخيمياء الداخلية.
ح. الطاقة الروحية ling-chi: وهي أكثر أشكال الطاقة سمواً ونقاوة، وتأتي في المراحلالمتأخرة من ممارسة التشي كونغ وتساعد على الوعي الروحي وتحسين عمل الدماغ. وعندالتقدم أكثر في ممارستها يحصل ما يسمى "ابتلاع الجنين الروحي" من الأزلية والوصولإلى حالة الاستنارة العقلية وحالة جسم النور النقي المسمى بجسم قوس قزح الذي يساعدعلى دخول العالم الأثيري فوق مستوى العالم المادي.
هناك عدة طرق للتعامل معالطاقة:
أ. جذب الطاقة نحو الداخل shi-chi، حيث يُعمَد إلى جلب الطاقة لداخلالإنسان من مصادر خارجية عن طريق بوابات الطاقة الموجودة في الجسم، من خلال الشهيقوباستعمال القدرة الفكرية التركيزية النقطية والتخيُّلية لجلب الطاقة، كتخيُّلهامثلاً كضوء أبيض. وأكثر النقاط استعمالاً هي الموجودة على أخمصي القدمين وعلى راحتياليدين وعلى قمة الرأس وفي الصدر والعجان.
ب. دوران الطاقة shing-chi عبرالأقنية الأساسية والثانوية.
ت. طرد الطاقة غير المرغوب بها أو الزائدة عنحدِّها أو الراكدة أو السُمِّية pai-chi. وهذه الطاقة، على العكس من الأولى، يتمتخيُّلها كضباب أو دخان داكن.
ث. تبادل الطاقة huan-chi، حيث يتم الذهاب إلىأماكن جيدة الطاقة (مثل البحار والجبال والغابات) وتتم محاولة مزج طاقة الإنسان معهذه الطاقات الطبيعية من أجل استعادة الحيوية والنشاط من إحدى التطبيقات المصغرةلهذه الطريقة التنمية المزدوجة في اليوغا الجنسي التاوي، حيث يلتحم الذكر والأنثىويتبادلان الطاقة من أجل دعم وتوازن حيوية كل منهما عن طريق الخيمياء الداخليةللجوهر والطاقة الجنسية.
ج. تخزين الطاقة yang-chi، والمقصود هنا تركيز الطاقةوخزنها في حقل الإكسير السفلي أسفل السرَّة أو في مراكز وأعضاء أخرى.
ح. تهذيب الطاقة lien-chi، أي زيادة نقاء وقوة الطاقة؛ وتتم عن طريق التأمل قعوداًوإحداث اتحاد بين الفكر والتنفس، ومن بعدُ تنقية هذه الطاقة في حقل الإكسير السفليوجلبها للأعلى على مسير النخاع الشوكي نحو الرأس.
خ. تحويل الطاقة hua-chi: إنتحويل الجوهر إلى طاقة، والطاقة إلى روح، هو واحد من أهم مبادئ الخيمياء الداخلية. تشمل المرحلة الأولى الحفاظ على الجوهر الحيوي وتركيزه وتنقيته، وخاصة الهرموناتوالسوائل الجنسية والنواقل العصبية. ومن بعدُ يُعمَد إلى تبخير هذه السوائل فيمراكز الطاقة لتحويلها إلى ذبذبات أعلى من الطاقة لنصل إلى الطاقة الروحية أعلاهاجميعاً. وأخيراًد. إصدار الطاقة fa-chi: وتعني قيام معلمي التشي كونغ بإصدارطاقة علاجية من طاقتهم نحو الآخرينالخيمياء الداخلية nei-gung
كما ذكرتسابقاً، قضى الخيميائيون الضالُّون حياتهم في البحث عن إكسير الحياة أو الجوهرالثمين أو حجر الفلاسفة بدئاً من معادن خسيسة، ومات من جراء ذلك العديدون. وهذا ماجعل الخيمياء بكاملها تسقط من الاعتبار. أخيراً شعر الصينيون وغيرهم أن إكسيرالحياة يقع داخل الإنسان، وليس من خلال معادن وأعشاب ومختبر الخيميائي. تعتمدالخيمياء الداخلية على الاتحاد الثلاثي للكنوز الثلاثة: الجوهر والطاقة والروح، منخلال تطبيقات خارجية تستهدف توازن الجسم والتنفس والعقل. وكما هي الحال مع الطاقاتالخمس، هناك حلقتان: الحلقة الداعمة التحويلية، والحلقة المسيطرة. وإن كل كنز منالكنوز الثلاثة يتوضع في إكسير من الأكاسير الثلاثة.
يصف Chao Pi-chen الحلقةالداعمة للخيمياء الداخلية: "حقل الإكسير السفلي أسفل السرَّة هو الذي يقوم بتساميالجوهر إلى طاقة، والحقل المتوسط في الضفيرة الشمسية هو الذي يقوم بتسامي الطاقة أوالحيوية إلى روح، والحقل العلوي في الدماغ هو الذي يقوم بتسامي الروح وطيرانها نحوالفضاء." بعبارة أخرى فإن الجوهر الأساسي من الهرمونات والإفرازات الجنسية تتحولإلى طاقة في الشاكرا الثاني أسفل السرَّة، ومن بعدُ تتصاعد نحو الشاكرا الثالث فيالمنطقة الشرسوفية، حيث تُنقَّى وتتحول إلى طاقة روحية، وتُرفَع من جديد إلىالشاكرا السادس في الدماغ من أجل بلوغ أعلى مستويات الممارسة، ليُعاد من جديد ربطالعقل المنتهي الإنساني بالحكمة اللانهائية الكونية والمحيط الهائل للروح الأولية – تلك العلاقة التي فُقِدت وقت الولادة. هذه الحلقة الداعمة هي مظهر الين من الخيمياءالداخلية؛ أما الحلقة المسيطرة التي تشكل مظهر الينغ فتعبِّر عن سيطرة العقل علىالمادة من خلال التحكم الواعي بالتنفس والطاقة. هاتان الحلقتان متعاضدتان طبعاً؛فلكي تتحكم الروح بالجسم لابُدَّ أن تقتات الروح بالطاقة الآتية من الجوهر؛ ولكيتقاد هذه الخيمياء الدقيقة لابُدَّ للروح أن تقود الطاقة والجوهر بحزم.
أ. الحفاظ على الجوهر: يعني تجنب التوترات النفسية المستمرة والتقلبات العاطفية والتعبالبدني المتطاول والأفكار الوسواسية، بالإضافة إلى عدم التفريط في المني عند الرجل،وعدم التفريط في الدم أثناء طمث المرأة. يقول مثل تاوي قديم: "عندما ينفد زيتالشمعة تنطفئ."
ب. تنمية الجوهر: أي ليس فقط عدم التفريط فيه، بل أيضاً تنميتهإلى حالته الأصلية من النقاء والقوة عن طريق أغذية معينة وأعشاب مقوية وتمارينرياضية مناسبة وتنفس جيد وانتباه للعادات اليومية.
ت. تحويل الجوهر: عندمايمتلئ الجوهر ويصبح قوياً ونقياً بما يكفي يبدأ تحوله إلى طاقة أساسية في حقلالإكسير السفلي وبواسطة التنفس، يعمد إلى تبخير الجوهر وتحويله إلى طاقة، ومن بعدُ،بمساعدة العقل، يتم تصعيده عبر القناة الحاكمة إلى الدماغث. تغذية الطاقة: عنطريق التنقية المستمرة للجوهر وتحسين الوظائف الاستقلابية للجسم وجلب الطاقة منمصادر خارجية.
ج. تحويل الطاقة: أي رفعها إلى الدماغ وتحويلها إلى طاقة روحية. هذه الطاقة نيِّرة وتتَّخذ ذبذبات الضوء. تعتمد القدرات الروحية الباطنية على هذهالطاقة في التخاطر telepathy والإدراك الحواسي الفائق
- ext sensory perception والتحريك النفسي psychokinesis والقدرة على رؤية الغيب clairvoyance. ويجب ألاتُعتبَر هذه القدرات هدفاً بحد ذاتها أو تستهدف المكسب شخصي، بل يجب أن تكرَّسدائماً لخدمة الناس. فهناك الكثير من الصينيين (وغيرهم) ممَّن أساؤوا استعمالها،فانتهوا إلى فقدها والسقوط في أسفل الهاوية.
ح. تغذية الروح: يحدث تركيزللطاقة في هذه المرحلة في حقل الإكسير العلوي في الدماغ، حيث يتم تنشيط وإيقاظللوجه الأوَّلي للروح. تتطلب هذه المرحلة من الممارس سكون العقل ما بعد الولاديومنع الأفكار المعترضة باستمرار والتشويشات الحسية الخارجية والمشاعر المتعارضة.
خ. تحويل الروح: عندما يتحول الفكر عن الوعي الثنائي المستمر الناجم عنالأفكار المتزاحمة والرغبات الحسية إلى الوعي المشعِّ والحكمة الكونية والقوةاللامتناهية للروح الأوَّلي، عندئذ يتحول الوعي المنتهي للعقل الإنساني العاديويتوسع تلقائياً نحو الوعي المتصاعد غير المحدود لـعقل التاو الأزلي. هذا التحوليسمى بالاستنارة والتسامي والتحرُّر واليقظة، ويدعى في تعاليم بوذية زِنْ اليابانيةباسم Satori، وفي السنسكريتية باسم Nirvana، وفي التاوية باسم Wu-dao (أو الاستيقاظللطريق)، ويحدث عادة فجأة، بدون توقع، مع الممارسة الطويلة والمستمرة.
د. العودة للمصدر: هذه هي المرحلة الأخيرة من الممارسة التي يُطلَق عليها مجازاً "الطيران في الفضاء"؛ ويقصَد بها أن الشخص الذي أذاب أناه واختبر وعي الاستنارةيشعر أن الوقت قد حان ليرمي عنه البدن، ويبدأ التحضير لمغادرة العالم بإرادتهالكاملة في حالة معينة من الطاقة والروح يطلق عليها "جسم قوس قزح" أو "الجنينالروحي" ling-tai. يقوم جسم قوس قزح باستعادة الوحدة الأصلية بين الجوهر والطاقةوالروح، أي الكنوز الثلاثة، وبإعادتها إلى المصدر الكوني الخلاق، كقطرة الماء التيتعود إلى المحيط. لكن الفارق هنا أن القطرة لا تذوب ضمن المحيط، بل تتوسع لتشملكامل المحيط!
4- المدارس الأساسية في التشي كونغأولاً. المدرسة التاوية: إن الهدف الأساسي لهذه المدرسة هو تحقيق الأزلية عن طريق الابتلاع التدريجيللـ"جنين الروحي" كما أسلفت أي عن طريق الخيمياء الداخلية وعودة الروح للفراغ أوالمصدر. أهم ما تعتمد عليه التصعيد المستمر للطاقة والوعي من العَجُز باتجاهالدماغ، ومن بعدُ الالتحام بالوعي الكوني. كما تعتمد على القدرة التخيُّليةوالتذهُّنية، وعلى أن الإكسير الداخلي هو أساس تغذية الجنين الروحي، وعلى تمارينسكونية وحركية، مثل الداو ين (حركات بطيئة إيقاعية منسجمة مع التنفس البطني) و"لعبةالوحوش الخمسة" (من مراقبة حركة الحيوانات). وكذلك يعمد ممارسوها إلى فترات صيام،لا يتناولون فيه أية مواد مطبوخة أو فواكه أو حبوب، بل فقط أعشاب طبية.
ثانياً. المدرسة البوذية: قبل مجيء Ta Mo كان الاهتمام البوذي دائماً بالوصول إلى الاستنارةالروحية أو الحالة البوذاوية عن طريق الممارسة المكثفة للتأمل السكوني. وبعكسالمدرسة التاوية فإن المدرسة البوذية اعتبرت البدن معيقاً للممارسة الروحية ولمتُعِرْ اهتماماً للصحة وطول العمر. ولكن مع مجيء Ta Mo اعتُبِر البدن القوي أساسياًمن أجل ممارسة روحية جيدة. ومع هذا ما يزال البوذيون يركزون بالدرجة الأولى علىالفضائل الروحية، خاصة التعاطف واللاعنف وضبط الغرائز، كما لا يهتمون باليوغاالجنسي على الإطلاق، ويعتقدون أن الإنسان الذي يحصل على الكثير من القوة من خلالممارسة الفنون القتالية واليوغا الجنسي، دون التغلب أولاً على أناه، يحيد عن الطريقالسليم ويستعمل هذه القوى بطرق سيئة.
ثالثاً. المدرسة الكونفوشية: اهتمكونفوشيوس كثيراً بالتاوية واحترم لا وتسه احتراماً جزيلاً. وقد اهتم كونفوشيوسوخليفته الفلسفي منشيوس بالتشي كونغ، ولكنهما نظرا له من وجهة نظر مختلفة تماماً،فاعتبرا التشي كونغ طريقة لتوازن وتنقية الفكر والتحكم بالعواطف، ليصبح الأشخاصأفراداً صالحين في المجتمع، ولم يهتما بالاستنارة أو ما شابه. يقول منشيوس: "لتطويرالعقل لا بد من إزاحة الرغبات لتظهر الطاقة الأولية النقية للطبيعة." كما يقول: "يقوم القادة الاجتماعيون والسياسيون بدورهم بشكل جيد، فقط بعد فترة من تأمل النفسلإزالة الجشع والعنف والتكبر والأمراض الأخرى للنفس."
وفي أثناء حقبة السونغ،ونتيجة لازدياد تأثير البوذية التي كانت حينئذٍ تُعتبَر أجنبية، والتاوية التي كاناهتمامها بالتحرر الفردي مصدر خطر على الكونفوشية، انتعشت الكونفوشية مع أخذ تعاليمعديدة من البوذية والتاوية، وسُمِّيَت هذه الحركة بـ"الكونفوشية تولد من جديد" أو "الحركة الكونفوشية الجديدة". وكان أهم تعاليمها استعمال التطور الروحي لخدمةالمجتمع وليس الفرد، بعكس التاويين والبوذيين الذين كانوا سابقاً أو لاحقاً يتركونالعائلة وينزوون في معبد أو جبل من أجل الاستنارة